الإمتاع والمؤانسة - التوحيدي - ت الأمين والزين - ط العصرية 01-03

ابي حيان التوحيدى

نص الكتاب

الكتاب المُصوّر

بسم الله الرحمن الرحيم
قال أبو حيان التوحيدي : نجا من آفات الدنيا من كان من العارفين ووصل إلى خيرات الآخرة من كان من الزاهدين ، وظفر بالفوز والنعيم من قطع طمعه من الخلق أجمعين ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبيه وعلى
آله الطاهرين .
لبيانه (۲) فيما
و (۳)
منه ،
أما بعد ، فإنى أقول منبها لنفسى ، ولمن كان من أبناء جنسى : من لم يُطِعْ (1) ناصحه بقبول ما يسمع ، ولم يملك صديقه كلَّه (۱) فيما يمثله له ، ولم ينقَدْ إليه ويُطلعه عليه ؛ ولم ير أن عقل العالم الرشيد ، فوق عقل المتعلم البليد ؛ وأن رأى المجرّب البصير ، مقدم على رأى العَمْرِ فقد خسر حظه فى العاجل ، ولعله أيضا يخسر حظه في الآجل ؛ فإن مصالح الدنيا معقودة بمراشد الآخرة ، وكلّيّاتِ الحِس في هذا العالم ، في مقابلة موجودات
(٤)
الغرير
العقل في ذلك العالم ؛ وظاهر ما يُرى بالعيان مُفْضِ إلى باطن ما يَصْدُق
عنه
الخبر ؛ وبالجملة ، الداران متفقتان في الخير المغتبط به ، والشر المندوم عليه ؛ و إنما يختلفان بالعمل المتقدم في إحداهما ، والجزاء المتأخر في الأخرى ؛ وأنا أعوذ بالله المَلِكِ الحَقِّ الجبارِ العزيز الكريم المساجد أن أجهل حظى ، وأعمى عن
(۱) كله : مفعول لـ « يملك » ، يريد بهذه العبارة تمام الطاعة لصديقه حتى كأن صديقه
مالك له كله يتصرف فيه كيف يشاء (۲) في الأصل « ولم ينفذ لسانه »
(۳) يريغه : يريده ويطلبه

(٤) الغمر بالفتح والضم : من لم يجرب الأمور ؛ والجاهل الأبله .